الجمعة، 15 مارس 2013




نص الحوار الذي أجراه معي موقع رؤية الاخباري
تقييم المستخدم:  / 0 
سيئجيد 
slemرؤية - محمد أكينو

الرباط - لا أحد يلتفت الى شريحة مهمة من المواطنين المغاربة , الذين قدر لهم أن يعيشوا حياة البداوة والترحال في الصحاري والجبال , انهم "البدو الرحل " , يعيشون حياتهم البسيطة في خيامهم و مع مواشيهم ويتنقلون باستمرار بحثا عن المراعي ,على طول المغرب وعرضه , بعيدا عن ضوضاء المدينة وتعقيدات الحياة الحديثة .

ساهم " البدو الرحل" ولا يزالون في النسيج الاجتماعي والاقتصادي والثقافي المغربي , ويتعرضون اليوم لتعتيم وتجاهل فظيع سواء في سياسات الحكومات المتعاقبة او في اهتمام الاعلاميين والباحثين وهيئات المجتمع المدني , ويعيشون منذ عقود وضعا مقلقا أمام الانخفاض الكبير في عددهم , وغياب اي اهتمام حكومي بأوضاعهم وافتقادهم لأي اطار منظم يمثلهم ويدافع عن حقوقهم .

في هذا الحوار يكشف لنا "سالم بيكاس " الباحث المتخصص في قضايا البدو الرحل بالمغرب , عن الواقع المرير لهذه الفئة ومستقبلها , و التي لا تزال تعيش على هوامش الوطن تقاوم من اجل البقاء والحفاظ على ارثها الاجتماعي والثقافي, رغم الجفاف وقلة التساقطات التي اثرت على أوضاعها الاقتصادية و المعيشية .

كيف تقيم وضع البدو الرحل في المغرب منذ الاستقلال الى الان؟
لا احد ينكر الدور الذي قام به " الرحل" في مقاومة الاحتلال والغزو الأجنبي بالمغرب ,كما لا ينكر أحد الدور الاقتصادي الذي لعبه الرحل في التجارة وربط المغرب شماله بجنوبه , و غيره من البلدان, ناهيك عن كونهم شكلوا رافدا غنيا من روافد الحضارة الاسلامية المغربية من خلال نمط عيشهم وتراثهم الشفهي , لذلك أنتج الرحل عبر هذه السيرورة التاريخية ثقافة بمعناها الانثربولوجي الواسع أكسبتهم نسقا ثقافيا ممانعا وملتزما بقضاياهم اليومية، منتجا لقيم استثمرت للدفاع عن قيمهم وعاداتهم ومايمكن ان نقوله في تقيمنا , انه بحق ترات حضاري عريق طاله النسيان والإهمال والتهميش.

لماذا برأيك تم تهميش البدو الرحل في السياسات الحكومية المتعاقبة رغم انهم فئة مهمة تساهم في اقتصاد البلد ؟
التهميش الذي طال فئة عريضة من البدو الرحل مرده إلى غياب ممثلين منهم لدى المؤسسات المعنية للدفاع عنهم , غياب دور المجتمع المدني باستثناء بعض الجمعيات والتعاونيات التكسبية , التعتيم الاعلامي الرهيب للتعريف بمطالبهم وتسليط الضوء على واقع معاناتهم ثم غياب استرتيجية حكومية حقيقية او ارادة سياسية تروم تنمية قطاع المواشي الذي يعد مصدر الرزق الوحيدة خاصة لدى فئة عريضة من ساكنة الاقاليم الصحراوية .

1011ماهي اهم مشاكل فئة الرحل حاليا ؟
مشاكل لا تعد ولا تحصى ذلك أن حياة الرحل ستزداد صعوبة , مع مرور الأيام ولاسيما في ظل صدور تقرير للبنك العالمي سنة 2009 حيث توقع حدوث تحولات مناخية عميقة٬ و أشار إلى احتمال تراجع مستوى التساقطات في المغرب بنسبة 20 بالمائة سنة 2050 وبنسبة 40 بالمائة سنة 2080. لأن مصير الكثير من هذه الأسر يظل رهينا بالتساقطات المطرية وما يتطلبه ذلك من تنقل وترحال بحثا عن مواطن الكلأ والماء وهو ما أجبر رحل الجنوب على الهجرة وخاصة صوب مناطق سوس ,وما صاحب ذلك من مشادات ومواجهات أحيانا مع سكان هذه المناطق بسبب الكلأ والماء و الارض .

ففي الوقت الذي يصارع فيه البدو من أجل العيش و البقاء , بفعل عوامل الزمن والتغيرات المناخية المتوالية , والتصحر وما صاحبها من انحباس المطر وقلة المراعي٬و انتشار الأمراض والأوبئة التي تهتك بآلاف القطعان من الغنم والماعز نجد نجد الدولة تساريح في إنشاء المحميات ومحاربة )الرعي الجائر ( والحفاظ على المناظر الخلابة وهو ماعبر عنه "سعيد ضور" في مداخلة له في دورة الحساب الإداري ببلدية أكادير خلال شهر مارس الجاري«أن السلطة على ما يبدو خرج الموضوع من بين يدها، لأن هناك مقاولات كبرى متنقلة تملك الجمال والسلاح، والسيارات الرباعية الدفع، فبعدما غزت كل جبال " أكادير إداوتنان " واشتوكة أيت باها وتزنيت حلت مند شهرين بمدينة أكادير»،
وأضاف هذا المستشار أن مشكل الرحل استفحل خلال السنوات الأخيرة، وأن السكان مغلوب على أمرهم يشاهدون ثمار الأركان تقضم وأغصان الاشجار تكسر، والحقول تتلف دون أن يستطيعوا لذلك ردا، مرجعا ذلك «إلى ما يشبه خروج القرار من يد السلطة بعدما لم يعد الرحل يحترمون أعراف الرعي ومجالاته المتعارف عليها».

وماهي مطالبهم اليوم من السلطات المغربية؟
إذ كانت الدولة تؤكد, حسب الغرفة الفلاحية لجهة كلميم السمارة (محافظة ) , أن عدد رؤوس الإبل في المغرب يقدر٬ وفقا لإحصائيات سنة 2007٬ بحوالي 190الف رأس٬ أكثر من 90 في المائة منها توجد بالأقاليم الجنوبية ٬ في حين تتوفر جهة كلميم السمارة على ما مجموعه 31000 رأس تنتج 3000 طن من اللحم و148 طن من الحليب,فإنها لم تكلف نفسها عنا مطالب هذه الشريحة والتي يتجل البعض منها في.
التأطير الصحي والتقني والمراقبة المستمرة للقطيع المواشي٬ بهدف الرفع من وتسويقه وخلق أنشطة لفائدة الكسابة.
توفير مصادر مائية كافية لتوريد الماشية وحفر الابار والمطافئ خاصة بالمناطق الصحبة كصحراء لحمادة
مساعدة الرحل في فترات الجفاف من بالأعلاف المدعمة والأدوية و الأطباء البيطريين , توفير مناطق أمنة للرعي والحد من المضايقات.

ما الذي جعل الرحل برأيك يتمسكون بحياة البداوة والرعي رغم التطور الكبير الذي عرفه المغرب اجتماعيا وديمغرافيا ؟
إدا كان الرحل يطلقون "الخيمة الكبيرة" للدلالة على حسن الضيافة والكرم ونبل القيم وهو مفهوم ارتبط في عمقه بالثقافة الأصيلة للرحل التي تفيض بقيم التسامح والتعايش والحرية وحب الآخر وإكرام الضيف وهو أمر قد لا يجده البعض في المدينة, ومن الخيمة انطلقت بوادر الاستقرار وبناء الحواضر، والقصور، والقصبات، لكن الذاكرة الجماعية والمخيال الثقافي للرحل يستعصي عليها التنكر للأصل، و"العودة إلى الأصل أصل" كما يقال هذا من جهة.
ومن جهة ثانية فإن حياة البداوة قد لا تكون اختيارا للبعض بقدر ماهي قدر أملته صعوبة الحياة في المدينة وانعدام فرص العمل ...وبالتالي لا غرابة ان وجدنا الخيمة والدار العمارات و البراكات, الفيلات والكاريانات, القصور والقبور...كل هذه سمات لواقع المتناقضات رغم التطور الحضاري والاجتماعي والديمغرافي .

هل تعتقد ان الاجيال الجديدة من أبناء الرحل ستحافظ على ارث الاجداد وتتمسك بنفس أنماط العيش رغم الظروف الاقتصادية و الثقافية الصعبة حاليا ؟
كل تلك العوامل التي ذكرت سابقا من شأنها ان تؤثر على تواتر ثقافة البداوة والترحال من جيل إلى أخر بالإضافة إلى العوامل الثقافية من عولمة وسيادة نمط العيش المتدني لكن يبقى العامل الاقتصادي هو الحاسم ففي تقرير لصحيفة "الاندبندنت" البريطانية حول حياة الرحل بمنطقة "تيزي نتودات" بمرتفعات الأطلس الكبير أبرزت أن "هذه التحولات (المناخية)وما رافقها من تصحر الغابات ساهم بشكل كبير في تراجع عدد الرحل بالمنطقة حيث انتقل من 410 أسرة سنة 1988 إلى 15 أسرة فقط حاليا" .

0 التعليقات:

إرسال تعليق